جوجل تضخ تمويلاً ضخماً في إيزومورفيك لابز… وذكاء اصطناعي يعِد بثورة في صناعة الدواء

في خطوة لافتة تعكس تنامي اعتماد شركات التكنولوجيا العملاقة على الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية، أعلنت شركة “إيزومورفيك لابز” (Isomorphic Labs)، المدعومة من جوجل، عن جمع تمويل ضخم بقيمة 600 مليون دولار في أول جولة تمويل خارجية لها، وهو ما يشكل نقطة تحول محورية في مسيرتها لتسريع اكتشاف وتصميم الأدوية باستخدام الذكاء الاصطناعي.

وجاءت جولة التمويل بقيادة شركة “ثرايف كابيتال” (Thrive Capital)، بمشاركة من “جوجل فنتشرز” (Google Ventures) واستثمارات إضافية من الشركة الأم “ألفابت” (Alphabet)، المالكة لكل من جوجل و”ديب مايند” (DeepMind).

تسريع تطوير محرك تصميم الأدوية بالذكاء الاصطناعي

أشار الدكتور ديميس هاسابيس، المؤسس والرئيس التنفيذي لـ Isomorphic Labs، إلى أن هذا التمويل سيساهم في تسريع تطوير محرك تصميم الأدوية من الجيل التالي، ودفع برامج الشركة نحو المراحل السريرية، قائلاً:

“هذا التمويل سيمثل دفعة قوية لتسريع تطوير تقنياتنا المتقدمة وتصميم أدوية جديدة، كما يقرّبنا من هدفنا الأسمى: حل كل الأمراض بمساعدة الذكاء الاصطناعي.”

ويُعرف هاسابيس بكونه أحد رواد الذكاء الاصطناعي، وقد حصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 2024 عن إسهاماته في تطوير نموذج AlphaFold بالتعاون مع DeepMind، والذي يُعد نقلة نوعية في التنبؤ ببنية البروتينات.

AlphaFold 3: فتح آفاق جديدة لفهم التفاعلات البيولوجية

يُعد AlphaFold 3 نموذجاً فائق التطور يعتمد على الذكاء الاصطناعي للتنبؤ الدقيق بتكوين البروتينات والتفاعلات الجزيئية، ما يفتح الباب أمام تصميم أدوية أكثر استهدافاً وكفاءة.

تعتمد استراتيجية Isomorphic Labs على الابتكار الخوارزمي واستخدام البيانات المتوفرة بطرق مبتكرة، من بينها توليد بيانات اصطناعية. وصرّح هاسابيس سابقاً بأن “المختبرات الرطبة” (Wet Labs) لا تزال ثانوية في نهجهم، إذ يرى أن هناك إمكانيات غير مستغلة في البيانات المتوفرة حالياً.

شراكات ضخمة تؤكد مصداقية النموذج

استقطبت الشركة اهتمام كبرى شركات الأدوية العالمية، ونجحت في يناير 2024 في توقيع شراكتين استراتيجيتين مع “إيلي ليلي” (Eli Lilly) و”نوفارتس” (Novartis) بقيمة إجمالية تقارب 3 مليارات دولار. وفي فبراير 2025، وسّعت Isomorphic تعاونها مع نوفارتس ليشمل ثلاثة برامج بحثية إضافية.

كما يُذكر أن شركات أخرى دخلت في شراكات مماثلة، من أبرزها شراكة “نوفو نورديسك” مع Valo Health بقيمة 2.76 مليار دولار، واتفاق “باير” مع Recursion Pharmaceuticals بقيمة 1.5 مليار دولار.

دور الذكاء الاصطناعي في صناعة الدواء: من البحث إلى التسويق

بات الذكاء الاصطناعي مكوناً أساسياً في مراحل تطوير الأدوية، بدءاً من تحديد الجزيئات المستهدفة، مروراً بتصميم التجارب السريرية وتحليل البيانات، ووصولاً إلى التقديم للجهات التنظيمية.

وتتجه كبرى شركات الأدوية إلى الاستثمار في أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين معدلات نجاح التجارب السريرية وتقليص الزمن اللازم لتطوير الأدوية، ما يسهم في تقليل التكاليف وتسريع وصول العلاجات الجديدة إلى الأسواق.

تحديات قائمة وفرص واعدة

رغم التقدم الكبير، لا تزال هناك تحديات تواجه الشركات العاملة في هذا المجال، مثل:

• نقص البيانات السريرية عالية الجودة
• تعقيد التفاعلات البيولوجية
• ضبابية اللوائح التنظيمية بشأن الأدوية المطورة بالذكاء الاصطناعي

مع ذلك، يشير تقرير صادر عن GlobalData إلى أن الذكاء الاصطناعي هو أحد أكثر التقنيات تأثيراً في مستقبل الرعاية الصحية، وهو ما يؤكد الاتجاه المتنامي نحو استخدامه على نطاق أوسع في السنوات المقبلة.

مستقبل مبشّر ومنافسة محتدمة

في ظل تزايد الاستثمارات والشراكات، يتوقع المحللون أن تكون السنوات الخمس القادمة حاسمة في رسم خريطة صناعة الأدوية. وتتصدر Isomorphic Labs هذا السباق بفضل تفوقها التكنولوجي وتركيزها على الابتكار الخوارزمي، متجاوزة منافسين بارزين مثل BenevolentAI وExscientia وInsilico Medicine.

وتعليقاً على المشهد الحالي، قال أحد المحللين: “تملك Isomorphic مزيجاً مثالياً من التكنولوجيا والدعم المالي والشراكات الاستراتيجية، ما يجعلها مرشحة قوية لتكون من أوائل الشركات التي تضع أدوية مطورة بالكامل بالذكاء الاصطناعي في متناول المرضى.”

ختاماً

يمثل هذا الاستثمار الجديد من جوجل وشركائها دفعة قوية لـ Isomorphic Labs في رحلتها نحو إعادة تعريف مستقبل صناعة الأدوية. وبينما نقترب أكثر من عصر تصبح فيه الأمراض المعقدة قابلة للعلاج بفضل الذكاء الاصطناعي، يبدو أن المستقبل يحمل وعوداً كبيرة للقطاع الصحي… وللمرضى حول العالم.