في إطار تحول استراتيجي جديد، أعلنت شركة روش السويسرية العملاقة في مجال الأدوية عن إعادة توجيه استثماراتها في البحث والتطوير نحو الأمراض الكبرى مثل السمنة، التي تشكل عبئًا ثقيلًا على ميزانيات الرعاية الصحية. يأتي هذا التحول في وقت تتزايد فيه مطالب الحكومات بتطوير أدوية لا تنقذ الأرواح فقط، بل تساعد أيضًا في خفض التكاليف الصحية المتصاعدة.
في السنوات الأخيرة، حققت الأدوية الجديدة لعلاج السمنة والسكري، مثل Ozempic وWegovy، نجاحًا كبيرًا، مما دفع العديد من شركات الأدوية إلى البحث عن الجيل التالي من العلاجات التي يمكن أن تحقق نفس التأثير الهائل. شركة Novo Nordisk الدنماركية، التي تقف وراء هذه الأدوية، شهدت ارتفاعًا كبيرًا في أسهمها، لتصبح الشركة الأكثر قيمة في أوروبا برأسمال سوقي يتجاوز 530 مليار دولار.
استراتيجية روش الجديدة: التركيز على الأمراض ذات العبء الأكبر
أعلنت شركة روشيه، التي تتخذ من مدينة بازل السويسرية مقرًا لها، عن خطتها لتركيز جهودها على تطوير أدوية “تحويلية” تستهدف الأمراض المزمنة الكبرى التي تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم. تتضمن هذه الاستراتيجية التركيز على 11 مرضًا في خمس مجالات علاجية رئيسية، منها الأمراض القلبية-الأيضية مثل السمنة، والأمراض السرطانية، والأمراض العصبية، وهي مجالات من المتوقع أن تمثل أكثر من 50% من العبء العالمي للأمراض خلال السنوات العشر المقبلة.
وفقًا للرئيس التنفيذي الجديد للشركة، توماس شاينكر، الذي تولى منصبه في مارس 2023، فإن روشيه تركز على “المناطق التي تشهد أكبر احتياجات غير ملباة”، مشيرًا إلى أن النظم الصحية التي تواجه ضغوطًا مالية ستبحث عن الحلول التي تقدم أكبر تأثير على صحة مواطنيها.
السمنة: سوق هائل وأولوية جديدة لشركة روش
تشير التقديرات إلى أن أكثر من نصف سكان العالم البالغين سيعانون من السمنة أو زيادة الوزن بحلول عام 2035، ما يكلف الاقتصاد العالمي أكثر من 4 تريليونات دولار سنويًا. ومن المتوقع أن يصل حجم سوق أدوية مكافحة السمنة وحده إلى أكثر من 100 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030.
رغم أن روشيه كانت قد دخلت مجال أبحاث السمنة قبل عشرين عامًا ولكن بخطوات متواضعة، إلا أنها عادت الآن بقوة إلى هذا السوق المتفجر. وفي هذا السياق، قامت الشركة بشراء شركة Carmot Therapeutics، وهي شركة بيولوجية صغيرة مقرها كاليفورنيا، بقيمة 2.7 مليار دولار، لتطوير أدوية مضادة للسمنة، مما أسس لوحدة بحثية متخصصة في الأمراض القلبية-الأيضية داخل روشيه.
الاضطرابات المرتبطة بالعمر: السعي وراء حلول لأمراض الشيخوخة
تواجه العديد من الدول تحديات صحية متزايدة مرتبطة بالشيخوخة، حيث من المتوقع أن تصيب أمراض مثل الضمور البقعي المرتبط بالعمر، الذي يعد السبب الرئيسي للعمى غير القابل للعلاج، نحو 288 مليون شخص بحلول عام 2040. كما من المتوقع أن ترتفع حالات الإصابة بالخرف، بما في ذلك مرض ألزهايمر، لتصل إلى 132 مليون حالة بحلول عام 2050.
يأتي هذا التركيز على الأمراض المزمنة والمهددة للحياة في وقت تحاول فيه الحكومات التحكم في ميزانيات الرعاية الصحية المتزايدة. روشيه تسعى إلى تقديم حلول تحويلية يمكن أن تقلل من هذه الأعباء الصحية والمالية.
تحليل تأثير استراتيجية روش على قطاع الأدوية العالمي
تعكس تحركات روشيه الأخيرة تحولًا واسعًا في صناعة الأدوية، حيث تسعى الشركات إلى توجيه استثماراتها نحو تطوير علاجات للأمراض ذات التأثير الواسع على الصحة العامة. التركيز على الأمراض المزمنة الشائعة مثل السمنة والسرطان وألزهايمر يمثل خطوة استراتيجية يمكن أن تعزز من مكانة روشيه في سوق الأدوية العالمية.
كما أن دخول روشيه مجددًا في أبحاث السمنة من خلال استحواذها على Carmot Therapeutics يعكس إدراك الشركة لحجم الفرصة المتاحة في هذا السوق، الذي يشهد نموًا هائلًا بفضل النجاحات التي حققتها شركات مثل Novo Nordisk.
مستقبل الأدوية التحويلية: آمال كبيرة وتحديات ضخمة
على الرغم من الآمال الكبيرة التي ترافق استراتيجية روشيه الجديدة، إلا أن التحديات لا تزال كبيرة. تطوير أدوية تحويلية يتطلب استثمارات ضخمة في البحث والتطوير، بالإضافة إلى مواجهة المنافسة الشديدة من الشركات الأخرى التي تسعى إلى تحقيق نفس الأهداف.
في النهاية، تمثل استراتيجية روشيه الجديدة خطوة طموحة نحو تطوير حلول مبتكرة للأمراض المزمنة التي تشكل عبئًا كبيرًا على الصحة العامة والاقتصاد العالمي. إذا تمكنت الشركة من تحقيق نجاح في هذه المجالات، فإنها ستسهم بشكل كبير في تحسين جودة الحياة لملايين الأشخاص حول العالم.
للمزيد من اخبار شركات الادوية المصرية والعالمية واخبار سوق الدواء والصحة تابع دواء نيوز– أخبار الدواء علي لينكدن :
www.linkedin.com/company/dawaa-news